Nini

وفي هذه الحكومة العجيبة كل وزير وميكته الخاصة به.
ففي الوقت الذي يحاربها اليازغي نجد أن وزير التجهيز يحبها كثيرا. يحبها
إلى درجة أنه يقبل بأن توقع شركة الطرق السيارة التابعة لوزارة التجهيز
«صفقة» لاقتناء خمسة عشر ألف نفاخة لإطلاقها احتفالا بتدشين سابق للطريق
السيار بين طنجة وأصيلة. وبين يدي فواتير مضحكة في الحقيقة تشرح بالتدقيق
مبلغ «صفقة» النفاخات العجيبة هذه والمبلغ الذي تطلبه نفخها وإطلاقها أمام
الملك. وللإشارة فقط، فالملك لم يحضر في آخر لحظة حفل التدشين هذا وفضل
استقبال الوزير كريم غلاب في قصر مرشان حيث قدم له دراسة مكونة من خمس
عشرة صفحة أنجزها للوزارة مكتب دراسات بمبلغ خمسة عشر مليون سنتيم. ضربو
نتوما الحساب شحال جات من مليون للصفحة. أما أنا فدعوني أضرب لكم حسابا
آخر له علاقة بصفقة النفاخات. وهي ليست أية نفاخات من فضلكم، إنها نفاخات
من بلاستيك يسمى اللاطيكس، المادة الشبيهة بمادة تصنيع العوازل الطبية.
وثمن كل نفاخة من النفاخات التي اشتراها السيد الفاسي الفهري مدير
لوطوروت، لا يتعدى 12 درهما للنفاخة الواحدة (ثمن علبة كاملة من العازل
الطبي)، مع احتساب الضريبة على القيمة المضافة التي يحبها والعلو كثيرا.
أي أن كل نفاخة من هذه النفاخات تعادل دولارا واحدا، وهو نفس الدولار الذي
تقول إحصائيات عالمية كثيرة أن هناك حوالي خمسة ملايين مغربي يعيشون على
أقل منه يوميا.
المشكلة أن السي الفاسي الفهري، الذي هو بالمناسبة أخ
الفاسي الفهري مدير المكتب الوطني للماء والفاسي الفهري الوزير الفعلي
لوزارة الخارجية، كان محتاجا إلى 15 ألف نفاخة بالتمام والكمال لكي يحتفل
بتدشين الطريق السيار، وهكذا كان على الشركة أن تدفع 17 مليون سنتيم وشي
تقرقيبة للشركة الفائزة بصفقة النفاخات. وليس هذا فحسب، فكل هذه الآلاف من
النفاخات لن تطير في الهواء من تلقاء نفسها، فيجب نفخها أولا. عملية النفخ
إذن كلفت وزارة التجهيز حوالي درهمين للنفاخة الواحدة. أي أن وزارة
التجهيز دفعت حوالي 27 مليون سنتيم مقابل البرد. ولو أن أصحاب هذه الصفقة
استعانوا بالغياطة الذين ينفخون طيلة النهار في زماراتهم مقابل دراهم
معدودات لإنجاز هذه المهمة «الوطنية» لكلفهم ذلك ربع هذه الميزانية،
وكانوا على الأقل سيساهمون مكان وزارة الثقافة في تشغيل هذه الفرق
الغنائية الشعبية العاطلة عن العمل.

ها حنا نفخنا النفاخات، كيغادي
نديرو نطلقوهم فالسما. الحكاية بسيطة، لإنجاح عملية «إطلاق النفاخات في
الهواء» كان يجب فقط صرف حوالي 18 مليون سنتيم. ويبدو أن هذه العملية
احتاجت إلى عبقرية خارقة للعادة لكي تتطلب صرف كل هذا المبلغ. وخا يكونو
طلقو شلانجير ماشي النفاخات.
العملية في المجموع كلفت حوالي 27 مليون سنتيم، لا غير. 27 مليون ذهبت مع الريح.
هذا
دون الحديث عن مبلغ آخر تضمنته الصفقة ذاتها يقدر بحوالي 38 مليون سنتيم،
خصص لشراء أربعين بلاكة ثمنها 14 مليون سنتيم، وثلاثين قرعة من الريحة من
نوع «أوريفلام» بثمن 3 آلاف درهم للقرعة، وخمسة أبواب بلاستيكية كبيرة
بثمن جوج مليون سنتيم للباب. وإذا كنت قد فهمت الغاية من اقتناء هذه
الأبواب البلاستيكية العملاقة فإنني لم أفهم إلى حدود الآن الغاية من
اقتناء كل هذه القناني من العطور. ربما لرشها في الهواء خلال حفل التدشين
حتى تختفي تلك الرائحة الكريهة التي تهب على مدخل طنجة عندما تتنفس قنوات
الصرف الصحي أحيانا. الله أعلم.
هذا هو حال حكومة جطو، وزير اتحادي

يصرف ميزانية لتمويل حملة لمحاربة البلاستيك، ووزير استقلالي يصرف ميزانية

لشراء البلاستيك وإطلاقه في الهواء، والمعارضة في البرلمان دايرة عين ميكة.

فهمتو شي حاجة؟



suite :



http://www.almasae.info/?issue=231&RefID=Content&Section=12&Article=1640